إذا أمكنَ لنا أن نُقسِّمَ تاريخَ الفلسفةِ إلى مرحلتَين، فستَكونُ فلسفةُ «كانْت» هي النُّقطةَ المِفصليةَ التي دشَّنَت ثورةً كوبرنيكيةً غيرَ مسبوقةٍ في التفكيرِ البَشريِّ ؛ ﻓ «كانْت» هو جغرافيُّ الذهنِ الإنسانيِّ. وفي كتابِه “تأسيس ميتافيزيقا الأخلاق” الصادرِ عامَ ١٧٨٥م، والذي يُمثِّلُ ثمرةً ناضجةً من ثِمارِ المدةِ الماديةِ لفلسفتِه، يُؤسِّسُ «كانْت» لمَعالمِ الأخلاقِ الجديدةِ ؛فالحُريةُ عنده ليسَت سوى الخضوعِ الإراديِّ للقانون (أو التحديدِ الذاتيِّ مثلما يُسمِّيه) الذي يُشرِّعُه الإنسانُ لنفسِه ولغيرِه؛ فعلى كلِّ إنسانٍ حين يَفعلُ فعلًا أخلاقيًّا أن يُعامِلَ الإنسانيةَ في شخصِه وفي شخصِ كلِّ إنسانٍ سواه باعتبارِه دائمًا غايةً في ذاتِه لا وسيلة. فيقول كانت: إذا أردنا أن نقيم مدى أخلاقية عمل فينبغي علينا إن نعرف الدافع خلف هذه العمل و لا نكتفي بالحكم من الخارج فقط . فهناك مبدأ ما يلتزمه الإنسان خلف أي تصرف. وعلى الرغم من أن ذلك المبدأ قد يكون غير واضح حتى بالنسبة للفاعل نفسه إلا أنه هو الفيصل في الحكم على أخلاقية العمل. وأطلق كانت كلمة maxim على المبادئ التي تقبع خلف تصرفات الإنسان.
إيمانويل كانت:
فيلسوف ألماني من القرن الثامن عشر (1724 – 1804). عاش كل حياته في مدينة كونيغسبرغ في مملكة بروسيا. كان آخر الفلاسفة المؤثرين في الثقافة الأوروبية الحديثة. وأحد أهم الفلاسفة الذين كتبوا في نظرية المعرفة الكلاسيكية. كان إيمانويل كانت آخر فلاسفة عصر التنوير الذي بدأ بالمفكرين البريطانيين جون لوك وجورج بيركلي وديفيد هيوم.
طرح إيمانويل كانت منظورا جديدا في الفلسفة أثر ولا زال يؤثر في الفلسفة الأوربية حتى الآن أي أن تاثيره امتد منذ القرن الثامن عشر حتى القرن الواحد والعشرين. نشر أعمالا هامة وأساسية عن نظرية المعرفة وأعمالا أخرى متعلقة بالدين وأخرى عن القانون والتاريخ.
أما أكثر أعماله شهرة فهو كتابه نقد العقل المجرد الذي نشره سنة 1781 وهو على مشارف الستين من عمره.
تموز نت