كتاب “الحق في الكسل” للعبقري الفرنسي بول لافارغ هو في حقيقة الأمر هو عبارة عن رد ثوري ارتبط بزمكانيته على معرقلي المطالبة بإصلاحات اجتماعية واقتصادية وسياسية لحقوق العمال، في أوج التصادم الفكري الليبيرالي/الاشتراكي، التي تجلت في محيط لافارغ بالمطالبة بحق العطلة وعطل نهاية الأسبوع وتقليص عدد ساعات العمل وغيرها من الحقوق الأساسية للعامل المواطن في خضم ظهور البروليتاريا مع تطور النهضة الصناعية الأوربية وعصر الآلة.
يرى الكاتب أن انحطاط واستعباد وجود الإنسان، عندما يتم تلخيص المواطن العامل وقيمة الإنسان البسيط تحت أولوية “العمل”. ويقول إن الكسل جنبا إلى جنب مع الإبداع البشري، مصدر مهم للتقدم البشري.
كان لبول لافارغ الحقّ في إبداء رأيه ومنهجه لتحرير نفسه ومجتمعه وعصره، بول لافارغ حرر روحه وتطهّر في نقد إديولوجيات الإستعباد.. كونوا كُسالى واستغلّوا كلّ دقيقة من وجودكم لتكونوا أنتم كنز أنفسكم الوحيد، وكأن لافارغ يدعو في مؤلفه إلى تذوّق الزمن وكأنّه الشيء الذي لا ثمن له، لافارغ في حقيقة الأمر كان يسعى إلى خلق توازن دون تقديس كفة على كفة، أو نبد كفة على كفة، إنه التوازن الذي أراد أن يحققه من داخل المجتمع بالتنظير إلى الكسل أنه مصدر إلهام جنبا إلى جنب مع الإبداع البشري، إنه مصدر مهم من مصادر التقدم البشري حسب رأيه.
الكتاب يندرج في سياقه التاريخي ضمن نضالات سياسيّة مريرة، انتهت بإقرار إصلاحات اجتماعية واقتصادية وسياسية تهم العمال.
أصبح العنوان مجالا للتندّر ورواية النكت والطرائف لمن لم يقرأه، وأمسى حجّة واهية لمن يريد الدفاع عن الكسل، ويبرر عدم قدرته على المبادرة، لكن مضمونه يشي بحقائق واعترافات وتحليلات قلّ مثيلها.
“وحدهم الفقراء يستيقظون باكرا كي لا يسبقهم إلى الشقاء أحد”.. هذا ما قاله الشاعر والكاتب السوري محمد الماغوط (1934 ـ 2006)، وكأنه يختصر ما أراد الكاتب والصحافي والناشط والمناضل اليساري الفرنسي بول لافارغ (1842- 1911) زوج لورا ماركس، ابنة منظر الاشتراكية والزعيم الشيوعي كارل ماركس، في كتابه الشهير “الحق في الكسل”.
ومن طريف المفارقات أنّ هذا الكاتب والصحافي والفيلسوف الماركسي، الذي رثاه لينين أبلغ رثاء، اختار أن ينتحر وزوجته، حتّى لا يعيشا أرذل العمر “عندما يتخلّى عنّا جسدنا، ويتركنا وحدنا لمصيرنا” كما ورد في رسالتهما.