اعتبر الكاتب والباحث المصري, محسن عوض الله, أن هناك “لهفة” تركية لإعادة العلاقات المصرية التركية إلى سابق عهدها.
وأضاف عوض الله, في حديثٍ لـ تموز نت, أن “هناك محاولات حثيثة ولهفة تركية لإعادة العلاقات”, مشيراً إلى التصريحات الرسمية الصادرة عن وزارة الخارجية التركية والمسؤولين الأمنيين.
كما أشار عوض الله, إلى إعلان حزب العدالة والتنمية الحاكم تقديم مقترح للبرلمان التركي بـ “تشكيل مجموعة الصداقة مع مصر داخل البرلمان التركي”. وعن هذه الخطوة قال عوض الله: “اعتقد أنه من السابق لأوانه تشكيل مجموعة صداقة داخل البرلمان التركي لأن هكذا خطوة تتخذ عندما تكون العلاقات جيدة جداً بين الدول ليتم تشكيل مجموعات برلمانية. ولكن في وقت الحاضر لازالت هناك أزمة بين أنقرة والقاهرة. واعتقد أنها محاولة تعبر عن اللهفة التركية من أجل فتح صفحة جديدة بين البلدين”.
وأوضح الباحث المصري, أن هناك تخوف وشروط مصرية لعودة العلاقات, قائلاً: “رغم هذه اللهفة التركية يجب أن ندرك أن هناك تخوف مصري وشروط حازمة لاستعادة العلاقات كما كانت قبل تسلم الإخوان السلطة. والعلاقة بين الإخوان وتركيا قد تكون هي الأزمة الأكبر بين البلدين. وبالتالي لن نصل إلى علاقات طبيعية مئة بالمئة. واعتقد أن ما دفع أردوغان للعودة أو لهذا التودد والتوسل للقاهرة لإعادة العلاقات معها؛ هي الورطة التي وضع نفسه فيها. ولولا أن أردوغان يعاني من أزمة حقيقة وعزلة فرضها عليه النظام الأمريكي الجديد لما لجأ إلى القاهرة. فأردوغان الذي يتودد للنظام المصري هو نفسه من شن هجوماً وتطاول على النظام الحالي برئاسة السيسي. وبالتالي ما يظهره هذا الشخص من تودد وحميمية وحب ليس سوى مصلحة. مصلحة ربما تكون وقتية لحين زوال العزلة عليه ليعود إلى سابق عهده”.
وأعرب عوض الله عن اعتقاده بأن الموقف التركي من جماعة الإخوان المسلمين “لن يتغير أبداً مهما حاولت أنقرة الإيحاء بأن هناك تغير في سياستها واستراتيجيتها تجاه الجماعة, وستظل الجماعة هي صاحبة النظام التركي وضمن مشروعها الهادف للتوسع؛ إحياء الخلافة العثمانية”.
وتابع عوض الله قائلاً: “أي حديث عن توتر بين الجماعة وأنقرة لن يكون صادقاً, والحديث عن ضمانات أو تعهدات تركية للقاهرة بأن تعود الجماعة كجماعة دعوية وبلا أهداف سياسية أو إنها لن تهدف إلى زعزعة نظام الحكم, اعتقد أن الأمر غير منطقي, ولن يكون مقبولاً على المستوى السياسي المصري خاصة أن معظم قيادات الجماعة داخل السجون حالياً وتلاحقهم تهم الإرهاب والفوضى, وبالتالي لن يكون مقبولاً أن يتم الافراج عن هذه القيادات بشكل مفاجئ وبدون محاكمات, لأنه من المفترض أن يكون القضاء المصري قضاء مستقل وليس له علاقة بأي مواءمات سياسية. وبالتالي اعتقد أن الأزمة الكبرى التي ستلاحق محاولات التودد التركي لمصر ستكون جماعة الإخوان”. وأضاف متسائلاً: “هل ستقبل مصر بعودة جماعة الإخوان داخل إطار الدولة؟. هل تقبل الجماعة أن تكون ضمن نظام يحكمه الرئيس السيسي رغم ما بينهم من خلافات؟. وهل يمكن أن تتخلى تركيا عن الجماعة؟. الأمر جدلي وصعب. اعتقد أنه سيتم تنحية هذه النقطة حالياً من أجل استكمال مشاورات التواصل”.
كما استبعد الباحث المصري أن يكون الاتفاق الليبي أحد نتائج التوافق المصري التركي, قائلاً: “الاتفاق الليبي هو نتاج رغبة دولية لحسم الملف الليبي رغم أنني اعتقد أن الأمور داخل ليبيا مازالت قابلة للاشتعال في أي وقت خاصة مع بقاء أكثر من 15 ألفاً من المرتزقة السوريين داخل الأراضي الليبية وفقاً للمرصد السوري, وهؤلاء يمثلون قنابل موقوتة. كما إن الوضع داخل ليبيا قابل للاشتعال في ظل وجود فصائل مسلحة واحتفاظها بالسلاح. ربما لا يكتمل الأمر وقد نرى حرباً جديدة في ليبيا”.
وعن احتمال تأثير التقارب المصري التركي على الملف السوري ودفع العملية السياسية, قال عوض الله: “مصر ليست دولة نافذة ومؤثرة بشكل قوي في الشأن السوري”, مشيراً إلى أن روسيا وتركيا تتحكمان بالملف السوري. وبين عوض الله أن العلاقات بين مصر وتركيا “لن يكون لها مردود كبير على الداخل السوري, وحتى إن كان لها (مصر) علاقات مع مجلس سوريا الديمقراطية فهي علاقات دبلوماسية وليست ذات تأثير قوي على الأرض”.
وتابع عوض الله قائلاً: إن “من يعتقد أن تركيا سوف تتخلى عن وجودها في ليبيا وسوريا هو واهم, الأمر كله ليس إلا مناورة أو مؤامرة تركية جديدة, يحاول من خلالها نظام أردوغان أن يهرب من الضغوط والعزلة الدولية التي فرضها عليه النظام الأمريكي بقيادة بايدن؛ فضلا عن العقوبات الأوربية التي لا تتوقف. وإردوغان يحاول الهروب من العزلة وفتح آفاق جديدة. يمكن القول أن تركيا تتودد لأمريكا عبر وسيط وهي مصر, بمعنى أن الانفتاح التركي والدعوى إلى إقامة علاقات مع الخليج هو محاولة لفك العزلة وإثبات حسن النية للرئيس بايدن, والقول بأننا لا نعادي حلفائكم ولا نعادي جيراننا وأننا منفتحون على التواصل مع كل الأطراف ولسنا نظام توسعي, وهذا كله يخالف الحقيقة. فأردوغان يستخدم ما يمكن وصفه بالتقية الشيعية, وهو يبدي عكس ما يخفي, ولديه مشروع والعالم كله يدرك أن لديه مشروع توسعي في المنطقة, ومع الضغوط بدأ أردوغان يحاول ارتداء قناع مزيف أو تبني وجهة نظر مزيفة تخالف أيدولوجيته وإظهار ما يريد العالم أن يراه عنه كرئيس ديمقراطي يتحالف مع كافة الأطراف ويتصالح مع مصر والسعودية والإمارات ولكن واقع أردوغان وحقيقته ربما تكون ظاهرة لكل ذي عينين”.
ووصف عوض الله, الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بـ ” الدكتاتور والمستبد” داخل تركيا, وبأنه يضيق على المعارضة الداخلية كـ “حزب الشعوب الديمقراطي”, مشيراً إلى أنه “أسقط عضوية أعضاء الحزب البرلمانين واعتقالهم, كما اعتقال حوال 23 ألف من قادة وأعضاء ومناصري الحزب فضلاً عن محاولة إغلاق الحزب نفسه. وبالتالي كيف نتحدث عن ديمقراطية وعلاقات جيدة وتودد, وأردوغان يدمر الداخل التركي ويمارس كل أنواع الاستبداد ويعتقل المعارضة وغير ذلك, وما يقوم به اردوغان تجاه مصر ليس إلا مناورة لفك العزلة المفروض عليه من قبل الرئيس الأمريكي الجديد”.