صدر حديثًا عن «دار المدى» ديوان جديد للشاعر السوري الكبير سليم بركات بعنوان «الشظايا الخمسمائة (أين يمضي الذي لا تلمسه يداي؟)»، في 135 صفحة. وهذه هي المجموعة الـ21، ضمن نتاج بركات الشعري الذي بدأ بـ “كل داخل سيهتف لأجلي وكلّ خارج أيضاً”، 1973؛ وصدرت المجموعة الشعرية ما قبل الأخيرة تحت عنوان “مغانم الرياضيين والتعاليم كما التزموها”، 2020.
بركات لا يفارق رياضة بارعة أثيرة لديه، تتمثل في تنويع معمار القصيدة الواحدة بين سطور مجزأة أو كتلة متراصة؛ مُبقياً، هذه المرّة أيضاً، على الكثير من الموضوعات والمضامين التي شكلت على الدوام بصمته الشخصية الخاصة، المنفردة والمتميزة؛ محتفظاً في الآن ذاته، وعلى عهده دائماً، بثراء الفصحى العالية وبلاغة الاشتقاق اللغوي الإعجازي.
ومما جاء في تقديمه: لقد تعودنا من بركات قصائده الطويلة جدًا، التي تكون الواحدة منها أحيانًا كتابًا كاملًا. هنا الأمر مختلف جدًا: إنها قصائد ومضات بعضها من عدة سطور، وبعضها من سطر واحد لا غير مكثف. يبلغ مجموع الومضات 500 ومضة. لذلك ربما جاء عنوان الكتاب متوافقًا مع ما فيه من عددها.
من أجواء الكتاب:
(1)
ضعوا الجمال جانبًا على الأرائك، قرب قلوبكم وضعتموها في أكياس على الأرائك:
هذا جذب الأيام من شعرها؛
جذب البرق من شعره؛
جذب المعاني من شعر عاناتها.
(2)
معي فرجار الشك لقياس الزوايا،
ومسطرة الشبهات لقياس الأبعاد،
وفادن البناء لحفظ الجدران بلا ميل فوق أسس المجازفات.
معي
ما لا يحتمل من خفق الملائكة بأجنحتها.
(3)
أربكوني قليلًا بما ترتبك منه بيضة الرخ.
اسبقوني إلى تعريف الإنسان ظاهرًا بنصفه الأسفل نحتًا في الصخرة الهشة.
(4)
مريح جلوس الحقيقة على المقعد الخلفي للدراجة النارية.
مريح جلوس الأجداد على المقاعد الخلف للدراجات الهوائية.
مريح رفع الأيدي عن مقاود الدراجات مسرعةً في انحدارها على سطح المشكل المتحدر. مريح جدًا.