رأى الخبير العسكري والمعارض السوري, العميد الركن احمد رحال, أن الجمود الحاصل في الملف السوري هو نتيجة الجمود على المستوى الدولي.
وأشار رحال إلى أن الولايات المتحدة لم توضح حتى الآن موقفها بشكل جلي من القضية السورية باستثناء بعض المواقف مثل قانون الطوارئ وغيره, مضيفاً أن هذا الموقف هو “متابعة لعملية عدم الاهتمام بالملف السوري, وعدم وضعه ضمن سلم أولوياتها. بينما الروس مازالوا متمترسين بمواقفهم, ونظام الأسد ماضي في مسرحية الانتخابات, والإيرانيين مستفيدين, يضاف إلى ذلك حملة تطبيع تقودها بعض الدول العربية مع نظام الأسد”.
وأوضح رحال في حديثٍ لـ تموز نت, أن المواقف التي ذكرها أنفاً لا تعني حدوث “انفراجه للنظام, بل هو ذاهب إلى كارثة. وهذه الكارثة /الاقتصادية, الاجتماعية, السياسية/ تترسخ يوماً بعد آخر, يضاف لها نتائج الحرب التي يتحمل النظام مسؤوليتها”.
وتابع رحال قائلاً: أن “الجمود لا يعني أننا ذاهبون باتجاه انفراجه للنظام أو انتصاره, بل على العكس. اعتقد أن المواقف الدولية كلها لسان حالها يقول لروسيا هذا هو المصير الذي أمامكم (الكارثة) وستستمرون عليه طالما أنكم لا ترضخون لتنفيذ القرارات الدولية”.
وعن سياسيات الدول المعنية بالملف السوري أكد رحال أن “هم الدول هو ترسيخ مناطق النفوذ”, مضيفاً أن “كل الدول التي دخلت سوريا بجيوشها وانخرطت في الملف السوري من روسيا إلى أمريكا وإيران وتركيا وإسرائيل, تعمل لتحسن مناطق نفوذها كي يكون لها تأثير فيما إذا تم التوافق على حل دولي؛ الذي من الممكن أن يرسم في يومٍ ما”.
وأعرب رحال عن اعتقاده بأن الإدارة الأمريكية لا يوجد في جعبتها غير العقوبات والضغوط. لكنه رأى بأنه في حال إقدام حكومة الرئيس السوري بشار الأسد على استخدام الأسلحة الكيميائية “من الممكن أن تتحرك الولايات المتحدة”, مضيفاً أنه في ظل الوضع الحالي “لم يعد هناك معارك وبالتالي لا يوجد جرائم لنظام الأسد”.
وأضاف رحال: “حسب بعض الأقنية التي تواصلت معها؛ أصبح ممنوع خوض أي معركة, لا من قبل النظام, ولا المعارضة. والخروقات البسيطة التي تحدث هنا وهناك لا نتوقف عندها”.
وأكد رحال أن الإدارة الأمريكية ماضية في عملية الضغوط والعقوبات, وتقول لـ “روسيا و إيران ونظام الأسد أنتم أمام هذه العقوبات؛ سيروا لنرى إلى أين ستصلون, لأنكم في النهاية سترضخون وتعودون”, مضيفاً أن “الأمريكيين يعولون على الوضع الكارثي في الداخل, فلا يوجد لدى النظام /وقود, أدوية, طعام, رواتب/ ويعاني من عجز في القدرة على تأمين متطلبات البلد, كذلك فيروس كورونا انهكه أيضا. هذا ما تراهن عليه الولايات المتحدة بالإضافة لقانون قيصر”.
واعتبر الخبير العسكري والمعارض السوري, العميد الركن احمد رحال, أن طرح فكرة تشكيل مجلس عسكري انتقالي قبل أشهر كان “مبادرة وحل وسط وخيار آخر ممكن اللجوء إليه لأن الروس لديهم نقطتين لا يحبذون سماعها, الأولى؛ كلمة انتصرت المعارضة, والثانية؛ كلمة تغيير الأنظمة بطرق غير دستورية لا يقبلون بها. وبالتالي نحن قدمنا خيار المجلس العسكري, ولا يوجد فيه منتصر أو مهزوم, وهو وسيلة شرعية لتغيير الأنظمة. لكن لم نرى تشجيعاً دولياً”. وأضاف رحال أنه دعم المشروع لأنه خيار “يضغط على نظام الأسد والروس, والروس هم الأكثر إحراجاً من هذا الطرح. لكن اعتقد أنه في يوم من الأيام سيتم العودة لهذا الخيار, وستراه الدول المخرج الوحيد الموجود أمامهم. لنرى ماذا حدث في السودان وليبيا, العسكر هم الذين يحلحلون الأمور في الأخير”, واستدرك رحال كلامه قائلاً: “هذا لا يعني أن يستلموا (العسكر) السلطة”.
وعن أسباب تراجع الاهتمام بالملف السوري, قال رحال: “لم يعد هناك اهتمام غربي أو إقليمي أو عربي بالملف السوري لأنه خلال عشر سنوات العالم ملّت (سئمت), وبالتالي هناك جمود. لكن هذا لا يعني القبول بأي حل, وهذا الجمود يعني بأننا أوصلنا النظام وروسيا وإيران إلى مستنقعٍ لا يستطيعون الخروج منه, فكلفة إعمار سوريا تقدر بـ 600 مليار دولار, كما أن الاستقرار في المنطقة يحتاج إلى حل سياسي. واعتقد بالرغم من أنه في الفترة الأخيرة قيل أنه هناك جموداً أمريكياً وأوربياً بالنسبة للملف السوري, لكنني أرى بأن التصريحات ارتفعت, والتصريحات الأوربية اليوم تتجاوز الموقف لأمريكي, وأمريكا لم تتراجع عن مواقفها, ونرى كيف يحاصرون إيران وحزب الله ونظام الأسد. كما سيصدر قانون قيصر 2 ليزيد من الضغط والعقوبات. وصحيح أن هناك جمود لكنه جمود يقول أنكم في المستنقع وعليكم أن تخرجوا منه. وإذا اردتم الخروج منه يا روسيا وايران ونظام الأسد تعالوا لنجلس على طاولة المفاوضات ونطبق القرار 2254”.
وعن الانتخابات الرئاسية السورية التي ستجري في الـ 26 من الشهر الجاري, قال العميد احمد رحال: “أنا لا أرى فيها شيء سيء؛ لأنها ستؤكد عزلة الأسد. فاليابان وأوربا وأمريكا وكندا وأسترالية ومعظم الدول العربية لا تعترف بها, وبالتالي ستؤكد عزلة النظام الذي لا يستطيع تأمين الأمن والاستقرار ولقمة الخبز والوقود والأدوية والرواتب. فهذا النظام يعزل نفسه بنفس. من يدخل الانتخابات يجب أن يَعد الشعب السوري بشيء معين. ما هو الشيء الذي يستطيع بشار الأسد تقديمه؟. أجراء الانتخابات؟. كل العالم يقول أن هذه الانتخابات مسرحية ونتائجها محسومة مسبقاً سواء كان هناك مرشح أو اثنين أو أكثر, واللعبة لم تعد تنطلي على أحد. وكما قال الدكتور عزمي بشارة السيء أن بشار الأسد يكذب ويعلم أنه يكذب”.
وتابع رحال قائلاً: “لسنا فقط كمعارضة نرى بأن الانتخابات عبارة عن مسرحية؛ كل المجتمع الدولي يراها هكذا, والنتائج محسومة. ولكنهم يجلسون ليقرروا ما هي النسبة التي يجب أن يضعوها 70%, 80%, 68%. اليوم الشعب السوري مقسم إلى ثلاث أقسام, ثلث موجود عند النظام, وثلث موجود عند المعارضة, وثلث موجود في بلاد المهجر واللجوء. والنظام سيجري الانتخابات ضمن الثلث الموجود تحت سيطرته, وحتى هذا الثلث اذا اعتبرنا نصفه يحق له الانتخاب هذا يعني أن بشار الأسد يجري الانتخابات بنسبة 16.5% فقط لا غير. هل هناك رئيس في العالم يصبح رئيساً بنسبة 16,5% من المقترعين؟. هذه الانتخابات تعري الأسد, وهي مسرحية لن تغير من الواقع شيئاً”.