اعتبر الباحث الاقتصادي السوري, خورشيد عليكا, تراجع الإدارة الذاتية عن قرار رفع أسعار المحروقات بنسبة 300% وإلغائه “قراراً صائباً”.
وأوضح عليكا في حديثٍ خاص لـ تموز نت, أن تراجع الإدارة الذاتية “في غضون 24 ساعة عن قرارها الغير المدروس برفع أسعار المحروقات, سيزيد من ثقة سكان المنطقة بالإدارة, وستضطر الإدارة دوماً إلى مراجعة القرارات ودراسة سلبياتها وإيجابياتها من جميع النواحي قبل إصدارها “.
وعن البدائل المتاحة أما الإدارة الذاتية بعد التراجع عن قرار رفع أسعار المحروقات, قال عليكا: إن “البدائل أمام الادارة هي البحث عن مصادر أخرى للإيرادات دون أن تمس عصب الحياة الرئيسي وعصب الاقتصاد؛ وهي المحروقات”, مضيفاً أن رفع أسعار المحروقات كان له “تأثير سلبي مباشر على جميع شرائح المجتمع, وبالتالي ارتفاع أسعار جميع السلع والخدمات وعلى أثر ذلك كانت المظاهرات والاحتجاجات الرافضة لرفع أسعار المحروقات”.
وعن الأسباب التي دفعت الإدارة الذاتية إلى رفع أسعار المحروقات بنسبة ٣٠٠%، ومن ثم التراجع عنها, أعرب الباحث الاقتصادي السوري, خورشيد عليكا, عن اعتقاده بأن الإدارة الذاتية راقبت أسعار المحروقات في دول الجوار السوري وعلى أساسها رأت بأن أسعار المحروقات لديها رخيصة جداً مقارنة بالجوار دون أن تقارن مستوى دخل الفرد في المناطق المجاورة لها في كلٍ من كردستان العراق وتركيا مع مستوى دخل الفرد لدى سكانها وبالتالي رفعت أسعار المحروقات بنسبة تزيد عن 100% وتتجاوز 200%, ورفعت سعر المازوت الممتاز من 150 ل.س إلى 400 ل.س, ورفعت سعر مازوت التدفئة وللزراعة من 75 ل.س إلى 250 ل.س, والمازوت المخصص لمكاتب الصناعة والخدمات من 100 ل.س إلى 300 ل.ٍس, والمخصص للمنظمات من 180 ل.س إلى 500 ل.س, بينما بقي سعر المازوت المخصص للمطاحن والأفران دون تغيير 100 ل.س, وسعر البنزين السوبر من 210 ل.س إلى 400 ل.س لليتر الواحد, ورفع سعر ليتر البنزين المستورد من 0.62 سنت امريكي إلى 65.5 سنت أمريكي, ورفع سعر أسطوانة الغاز من 2500 ل.ٍس إلى 8000 ل.س, وأسطوانة الغاز للمنشآت التجارية والصناعية إلى 15000 ل.س.
واعتبر عليكا أن إقدام الإدارة الذاتية على اتخاذ قرار رفع أسعار المحروقات “ناتج عن عدم التخطيط السليم ودراسة الواقع الاقتصادي والاجتماعي لسكان المنطقة ومعرفة مستويات الفقر المدقع الذي يعاني منه العديد من شرائح المجتمع. وبالتالي عدم وجود أسباب مقنعة تقنع الشعب وحتى مسؤولي الإدارة أنفسهم والمقربين من الإدارة الذاتية, كما أن بعض الأحزاب المنضوية تحت سقف الإدارة وخارجها عارضوا هذا القرار الغير المسؤول. وبعد الاحتجاجات الشعبية التي انطلقت في العديد من مناطق كردستان سوريا ضد هذا القرار وخوف الإدارة من التصادم مع المتظاهرين وتوسع رقعة الاحتجاجات وتجاوباً مع الرغبة الشعبية اضطرت الإدارة إلى تعليق القرار ومراجعته ودراسته لاحقاً”.
وتابع عليكا قائلاً: “إذا رفعت الإدارة الذاتية من مستوى الخدمات التي تقدمها للشعب ودعمت التنمية الاقتصادية وقطاع الزراعة والصناعة والتجارة ووفرت الكهرباء والخبز والطحين بأسعار معقولة؛ فأنه لا مانع من رفع أسعار المحروقات ولكن في ظل تدني الخدمات وسياسة الدعم فبلا شك قال الشعب كلمته في رفض هذا القرار الغير المسؤول برفع اسعار المحروقات”.
كما استبعد عليكا, أن يكون هناك تأثير مباشر لقانون قيصر على مناطق الإدارة الذاتية كونها لا تخضع بشكل مباشرة لعقوبات قيصر, مضيفاً “ولكن لعقوبات قيصر أثر كبير على الاقتصاد السوري ومصرف سوريا المركزي وبالتالي على الليرة السورية التي تتراجع قيمتها أمام الدولار الأمريكي بشكل مستمر. وبما أن مناطق الادارة الذاتية هي جزء من سوريا تتأثر بتراجع قيمة الليرة السورية مقابل الدولار الأمريكي, كما أن تضرر الموسم الزراعي لهذا العام أثر بلا شك على تراجع في الموارد الاقتصادية للإدارة, وبالتالي بحثت الإدارة عن إيرادات أخرى فوجدت بأنه رفع أسعار المحروقات قد يدر عليها المزيد من الايرادات عن طريق رفع أسعارها”.
وكانت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا ألغت يوم أمس, القرار رقم /119/ القاضي برفع أسعار مواد المحروقات بعد أن شهدت مناطق شمال شرق سوريا تظاهرات وأعمال عنف.
وقالت الرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي لشمال وشرق سوريا “تلبية من الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا ونزولًا عند رغبة الشعب، كون الإدارة هي من الشعب وللشعب يُلغى القرار رقم /119/ تاريخ 17/5/2021 الخاص برفع سعر المحروقات في مناطق الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا”.
ووفقاً للقرار الجديد تُعتمد الأسعار القديمة المعمول بها سابقًا قبل صدور القرار رقم /119/ تاريخ 17/5/2021 إلى حين صدور قرار جديد وإجراء التعديلات.
وقال الرئيس المشترك للمجلس التنفيذي في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا عبد حامد المهباش “على اعتبار أن القرار الذي يحمل الرقم 119 لاقى نقدًا شعبيًّا في مناطق الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، فإن الادارة الذاتية أعادت النظر في القرار صباح هذا اليوم 19 من أيار، واعتبرت هذا القرار ملغى”.
مضيفًا “سيتم اتخاذ قرار جديد وبلائحة سعرية جديدة تناسب وضع الشعب ووضع الناس، وسوف نأخذ آراء الشعب في إصدار القرار مستقبلًا”.
وخرجت تظاهرة أول أمس الثلاثاء في مدينة القامشلي تظاهرات دون أن تحصل أي مواجهات مع قوات الأمن المحلية كما شهدت أسواق بعض المدن إضراباً عاماً وسط إغلاق المحال التجارية.
وفي حي النشوة في الحسكة ومدينة الشدادي ومنطقة 47 تحولت الاحتجاجات إلى أعمال عنف، وأسفرت عن سقوط قتلى وجرحى وفق مصادر محلية.
وقالت القيادة العامة لقوى الأمن الداخلي في شمال وشرق سوريا إن هناك بعض “المتربصين والعابثين بالأمن العام استغلوا خروج التظاهرات السلمية وأقدموا على الاعتداء على النقاط والمراكز والمؤسسات العسكرية، واستخدام السلاح على المتظاهرين ما أدى لوقوع إصابات بين المدنيين”.