في روايته (ملاذ العتمة) الصادرة حديثاً عن دار موزاييك للدراسات والنشر،يخرج الكاتب الروائي والمسرحي السوري (ضاهر عيطة) عن المألوف عندما يحاول الولوج إلى العالم الداخلي النفسي لشخصيات روايته، ويرتكز فيها على ثلاث ثيمات أساسية هي: الحرب والحب والوطن، تتداخل هذه الثيمات فيما بينها، وتبرز من خلال علاقة الشخصيات التي تشكل أحداث الرواية. تبدو الرواية للوهلة قصة خاصة بامرأتين هما غفران وسيلينا وعاطف، لكن ما وراء سطورها يوحي بدلالات أعمق مما تبدو عليه، إذا انتقلنا من التجربة الخاصة إلى تجربة عامة، هي حالة وطن في مرحلة ثورة من أجل التحرر الشخصي والعام على حد سواء.
«ملاذ العتمة» رواية تسرد حال السوريين انطلاقاً من شارع التظاهر، مروراً بالبحر والقوارب المطاطية التي نكّلت ببعضهم، وعبّرت بعضهم إلى ما يحسبونه (أرضِ النجاة) وانتهاء بأرض النجاة التي تفتح لهم باباً آخر على وجع آخر.
يمثل الحب في الرواية قيمة إنسانية، لا يمكن للفن أياً كان نوعه التخلي عنه، فالحب يمنح الفن جاذبيته وسمته الإنسانية. لكن هل يصمد الحب في زمن الحرب؟
شكلت الحرب الثيمة الأساسية في الرواية، إذ يستند عليها السرد في تحديد مصائر الشخصيات وربط علاقاتها، وكشف مواقفها وآرائها.
في «ملاذ العتمة» وعلى امتدادِ مئتين وخمس صفحاتٍ، تتجاورُ شخصيات في مفصلِ الروي واضحة، ليست إشكالية، تبدأ قوية في الظاهر، وسرعان ما تتداعى جهة الانهزام من الداخل، وهنا تتعقّدُ مصائرها، ويصير حلم النجاة بالذات هو الإشكال، بعد أن كانت قضايا كبرى تحرّك هذه الذات المشغولة بنفسها أكثر، مشغولة بتفاصيلها وهوامشها، مشغولة بخلاصها الشخصي، أكثر مما هي مشغولة بخلاص وسط اجتماعي يعيش محنتهُ وأحلامه الجمعية.
والكاتب ضاهر عيطة روائي ومخرج مسرحي وكاتب سيناريو. فاز بأفضل نص مسرحي موجه للأطفال في مسابقة الكتابة المسرحية التي تقيمها الهيئة العربية للمسرح في الشارقة عن نصه “براءة بحار”. ومن أعماله رواية “لحظة العشق الأخيرة” ومسرحية “رقص من النجوم” و”حراس البيئة” الكاتب المولود في دمشق ويقيم منذ عام 2015 في ألمانيا.