وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان في تقرير له الانتهاكات الكبيرة من عمليات قتل وتعذيب بالإضافة إلى الأزمات الخانقة التي تحرم المواطنين من أبسط حقوقهم في مناطق سيطرة الحكومة السورية خلال شهر تشرين الثاني.
انتهاكات وأعمال عنف.. و”مهد الثورة” تتصدر المشهد
وأشار المرصد إلى أن محافظة درعا “مهد الثورة”، شهدت أعلى معدلات للعنف والاضطرابات الأمنية من بين باقي المحافظات التابعة “للنظام”، حيث بلغت أعداد الهجمات ومحاولات الاغتيال في درعا، والتي اتخذت أشكالًا وأساليب عدة كعمليات تفجير العبوات الناسفة والألغام والآليات المفخخة وإطلاق النار التي نفذها عدد من الخلايا المسلحة 39 عملية خلال شهر نوفمبر /تشرين الثاني، تسببت بمقتل واستشهاد 20 شخصًا، هم 9 مدنيين، و6 من مقاتلي الفصائل ممن أجروا “تسويات ومصالحات”، وباتوا في صفوف أجهزة “النظام” الأمنية من بينهم قادة سابقين، و5 من قوات النظام والمسلحين الموالين لها والمتعاونين مع قوات الأمن.
سجل المرصد السوري خلال شهر تشرين الثاني 7 حالات استشهاد لمواطنين سوريين داخل “المسالخ البشرية” في سجون “النظام”، ففي الثاني من الشهر استشهد شاب من أبناء محافظة درعا تحت التعذيب في “المسلخ البشري” بسجن صيدنايا بعد اعتقال دام أربعة أشهر، وفي الثالث من الشهر استشهد شاب من أبناء بلدة الجيزة بريف درعا الشرقي، بسبب التعذيب داخل المعتقلات الأمنية.
التظاهرات والاحتقانات الشعبية
لم يختلف شهر نوفمبر عن سابقه من الشهور فيما يخص الغضب والحنق والاحتقان الشعبي الذي ساد ضمن مناطق نفوذ سيطرة الحكومة جراء سياساته وممارساته، وقد ترجم هذا الاحتقان عمليًا وجماهريًا على أراض الواقع من خلال التظاهرات والاحتجاجات الشعبية، والتي تعددت خلال الشهر، ففي 10/11/2020 تظاهر العشرات في كل من درعا البلد وناحتة والمتاعية في محافظة درعا، نصرة لبلدة الكرك الشرقي بريف درعا.
وفي ضوء الاستفزاز الشعبي وإثارة سخط المواطنين شهد أواخر الشهر الفائت قيام سلطات “النظام” بالإفراج عن “سليمان الأسد” ابن عم الرئيس السوري “بشار الأسد” بعد اعتقاله في أوائل آب/أغسطس من العام 2015، على خلفية قتله عميد في قوات “النظام” بسبب خلاف مروري في شوارع مدينة اللاذقية آن ذاك.
القصف الإسرائيلي .. مازال مستمرًا
واصلت إسرائيل استباحة الأراضي السورية كما جرت العادة وسط احتفاظ “النظام السوري” بحق الرد بحكم العادة أيضاً، وأحصى المرصد السوري خلال الشهر الفائت قيام إسرائيل باستهداف الأراضي السورية 3 مرات، اثنين منها استهدفتا جنوب دمشق وحدود القنيطرة، وواحدة استهدفت شرقي دير الزور، وأسفرت تلك الاستهدافات والضربات الجوية بدورها عن حصد أرواح ما يقدر بـ 32 شخصًا.
استهداف دور العبادة
لم تسلم دور العبادة من الاستهداف وإلحاق الأذى والتخريب بها من قبل قوات “الأسد” بحسب وصف المرصد ففي 24 تشرين الثاني الفائت اقتحمت عناصر من الفرقة الخامسة التابعة لقوات “النظام” أحد مساجد حي البقعة غرب منطقة اللجاة في ريف درعا الشرقي بمحافظة درعا، وكسروا أثاثه وعبثوا بمقتنياته، وانتهكوا حرمته، كما منعوا الأهالي من الاقتراب منه، ليتم استخدام مرافقه من قبل عناصر “النظام”.
مواصلة الانخفاض في سعر الليرة السورية
تعد قيمة الليرة السورية أداة فاعلة ومؤثرة في حق المواطن السوري للعيش حياة إنسانية كريمة، ولكن “النظام” لم يفلح في توفير هذا الحق له، مما يزيد من رصيد إخفاقاته، فقد استأنفت الليرة السورية انخفاضها في سوق المالي العالمي خلال شهر نوفمبر 2020، حيث سجلت الليرة السوري في 23 تشرين الثاني انخفاضاً جديداً لقيمتها أمام العملات الأجنبية بسعر 2910 شراءً و 2940 مبيعاً أمام الدولار الأمريكي، وسعر 3452 شراءً و 3493 مبيعاً أمام اليورو، قبل أن تشهد تحسناً طفيفاً خلال أواخر الشهر.
ظهور أزمة الخبز من جديد
عادت أزمة الخبز للطفو على السطح من جديد ضمن مناطق نفوذ “النظام”، لاسيما مع الانهيار الجديد الذي سجلته الليرة السورية مقابل ارتفاع في أسعار الذهب والعملات الأجنبية خلال شهر نوفمبر2020.
ولاتزال العاصمة دمشق وريفها وباقي المحافظات الخاضعة لسيطرة الحكومة تشهد أزمة متفاقمة لمادة الخبز وسط عجز كامل من قبل سلطات “النظام” عن تأمين حلول للأزمة الخانقة التي تعتبر الأشد في تاريخ سوريا.
استمرار أزمة الوقود والمواصلات
لم تكن مناطق نفوذ الحكومة أوفر حظًا في شهر نوفمبر 2020 فيما يخص أزمة الوقود والمواصلات الخانقة التي استفحلت في هذه المناطق منذ وقت سابق، بل ازداد الوضع سوءًا، حيث شهدت عموم محافظات الواقعة تحت سيطرة الحكومة ومنها على سبيل المثال لا الحصر مناطق “المصالحات والتسويات” أزمة خانقة على محطات الوقود بسبب انخفاض الكميات التي تم ضخها من قبل سلطات “النظام” السوري، بالإضافة إلى قلة وشح الغاز المدعم المقدم للأهالي.
وشهدت تلك المناطق توزيع جرة غاز واحد لكل عائلة عبر ما يسمى بـ“البطاقة الذكية” منذ ثلاثة أشهر بسعر “3500” ليرة سورية، ويبلغ سعر الجرة في السوق السوداء “23000” ليرة سورية، وسط عجز تام لدى الأهالي عن شرائها بهذا السعر، مما اضطرهم لاستخدام الحطب كوسيلة بديلة، والذي ارتفع سعر الطن الواحد منه إلى “250000” ليرة سورية.
وفي سياق متصل تسببت أزمة الوقود في ظهور أزمة المواصلات في عموم مناطق نفوذ الحكومة والتي تمثلت في قلة وسائل النقل العامة و”السرافيس”، وارتفاع أجور وسائل النقل الخاصة بسبب شرائهم الوقود بأسعار مضاعفة من السوق السوداء، وتتركز أزمة المواصلات في المناطق الحيوية ضمن المدن السورية كافة، بالإضافة إلى ندرة وسائل النقل العامة بين الأرياف والمدن، مما شكل معاناة لدى الأهالي إبان عملية الانتقال، خاصة الموظفين وطلاب الجامعات الذين يجدون أنفسهم مضطرين إلى الذهاب بالسيارات الخاصة أو استئجار سيارات نقل خاصة وتحمّل أعباء مادية كبيرة من أجل الوصول إلى مدارسهم وجامعاتهم ووظائفهم.
استئناف عمليات “التشيع” والتجنيد من قبل الوجود الإيراني
استمرت عمليات التجنيد لصالح القوات الإيرانية و”المليشيات” الموالية لها خلال شهر تشرين الثاني في كل من الجنوب السوري والضفاف الغربية لنهر الفرات، عبر الحملات المتواصلة بشكل سري وعلني من قبل عرابي المنطقة لتجنيد الشبان والرجال في درعا والقنيطرة وريف دير الزور عند ضفاف الفرات الغربية، مقابل العطايا والمغريات المادية ولعب متواصل على وتر الانتماء الديني والمذهبي، المتمثل بعمليات مستمرة لـ“التشيُّع”،بحسب تقرير المرصد.
وقد ارتفع تعداد المتطوعين في صفوف الإيرانيين و”المليشيات” الموالية لها في الجنوب السوري إلى أكثر من 8350 متطوعًا، كما ارتفع إلى نحو 6700 عدد الشبان والرجال السوريين من أعمار مختلفة ممن جرى تجنيدهم في صفوف القوات الإيرانية والميليشيات التابعة لها مؤخراً بعد عمليات “التشيُّع”.