سلطت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية في تقرير لها الضوء على أزمة الخبز التي تعيشها العاصمة السورية دمشق والمناطق الخاضعة لقوات الحكومة السورية.
وذكرت الصحيفة أن الآلاف من السوريين يستيقظون في الصباح الباكر للذهاب والانتظار في طوابير في سبيل الحصول على حصتهم من الخبز.
وقالت الصحيفة “في صفوف لا نهاية، ينتظر محمد وأولاده، منذ ساعات الفجر، حصتهم في رغيف الخبز، ومن ثم يتناوبون في حال طال الانتظار، وبالكاد يصلون إلى العمل والمدرسة في الوقت المحدد. وفي الكثير من الأحيان، يفوت الأولاد صفوفهم الأولى أو اليوم بكامله”.
ونقلت الصحيفة عن أبو محمد، وهو أب لخمسة أطفال “ننتظر لثلاث ساعات على الأقل، وأحياناً سبع ساعات، أنا بحاجة للعمل، للعيش، لا استطيع الانتظار يومياً”.
وأوضح أبو محمد، الذي رفض الكشف عن هويته الكاملة، أنه يحتاج لثلاثة أو أربعة أكياس من الخبز، يشتري كيسين من “الخبز الخشن منخفض الجودة” من مخبز الحكومة.
وينتظر في صفوف المخابر الخاصة للحصول على أرغفة أخرى ذات جودة أعلى، بمبلغ يفوق 10 أضعاف السعر الرسمي البالغ حوالى 50 سنتاً أميركياً من من يسميهم “تجار الأزمة”، في السوق السوداء.
وقال أحد سكان مدينة طرطوس الساحلية، إنّه “لا يوجد خشب، غاز، وخبز”، مضيفاً أنّ “أولادي يتغيبون عن دراستهم للاستحصال على الخبز”.
وكان وزير الزراعة، حسن قطنا، قد حاول في مقابلة له مع صحيفة “الوطن” الموالية للحكومة، التخفيف من حدة الأزمة، قائلاً “لنعدّ الخبز في منازلنا بدلاً من انتظار الحكومة”.
وتصاعد الغضب الشعبي بعد أن ذكرت صحيفة حزب البعث الحاكم، في وقت سابق من الشهر الجاري، اختفاء 500 طن من القمح أثناء إنزالها من سفينة.
ورفعت الحكومة السورية نهاية شهر أكتوبر الفائت سعر الخبز بنسبة مئة بالمئة بالنسبة للخبز العادي ورفعت سعر الطحين، بعد أزمة خبز عاشتها مناطق سيطرة الحكومة السورية منذ بداية الشهر الجاري.
وتعيش المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة السورية نقصاً شديداً في مادة الخبز ومواد الطاقة على رأسها البنزين والمازوت والغاز.
ويتجمع آلاف الأشخاص أمام الأفران ومحطات توزيع الوقود فيما تصطف السيارات في أرتال على مسافة مئات الأمتار وفق ما يتم تداوله من صور على مواقع التواصل الاجتماعي.
والشهر الفائت أطلق صندوق الأمم المتحدة للسكان نداءً لطب 131.6 مليون دولار أمريكي لتمويل أعماله المتعلقة بالاستجابة الإقليمية إزاء الأزمة السورية.
وذكرت المنظمة في بيان أن هذا يشمل برامج عدّة تستهدف 11.7 مليون شخص في حاجة إلى المساعدات الإنسانية داخل سوريا، فضلاً عن نحو 5.6 مليون لاجئة ولاجئ في كل من تركيا ولبنان والأردن والعراق ومصر.
ويأتي ذلك في وقت تراجعت قيمة الليرة السورية أمام الدولار الأمريكي, إذ انخفضت قيمتها لتبلغ 2950 ليرة مقابل الدولار في السوق السوداء خلال الأيام الأخيرة.
وفي 22 كانون الأول 2020، أدرجت “وزارة الخزانة الأميركية” 18 فرداً وكياناً في قائمة العقوبات الاقتصادية على سورية، ضمن حزمة “قانون قيصر” أو “سيزر”، وكان بينهم “مصرف سورية المركزي”.
كما فرضت وزارة الخارجية الأمريكية في نفس اليوم عقوبات على أسماء الأسد زوجة الرئيس السوري بشار الأسد وأرجعت ذلك إلى عرقلة أسماء الأسد الجهود المبذولة للتوصل إلى حل سياسي للنزاع السوري.
وفي فبراير الفائت أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية فرض عقوبات جديدة على شخصيات وكيانات سورية شملت 8 أفراد و11 كيانا، بما في ذلك شركات تنشط في قطاع النفط.
وكان الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترامب وقع في كانون الأول 2019 على قانون قيصر، عبر معاقبة أي شخص أو جهة تتعامل مع الحكومة السورية، أو توفر لها التمويل، أو تتعامل مع المصارف الحكومية بما فيها المركزي.
وفي الـ 16 من يونيو 2020 أعلنت السفار الامريكية في سوريا دخول قانون قيصر حيز التنفيذ, مؤكدة “التزامها بضمان وصول الدعم الإنساني الدولي للمدنيين الموجودين في سوريا”.
وكان الكونغرس الأمريكي صادق على قانون قيصر في 15 نوفمبر\ تشرين الثاني 2016 بأغلبية ساحقة، ويفرض القانون عقوبات على كل من يدعم الحكومة السورية مالياً أو عينياً أو تكنولوجياً.
وأطلق على التشريع الأمريكي “قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين”, اسم “قيصر” وهو اسم مستعار ينسب لمصور عسكري سوري انشق عن الحكومة السورية عام 2013، ونشر تسريبات تتضمن ما يفوق 50 ألف صورة لآلاف السجناء الذين قضوا بسبب التعذيب في السجون السورية.