رأى الباحث الاقتصادي السوري, خورشيد عليكا, أنه مع تطبيق قانون قيصر على سوريا بدأت معه مرحلة التأثير المباشر من الناحية الاقتصادية.
وأوضح عليكا في حديثٍ خاص لـ تموز نت, أن العقوبات الأمريكية تطبق على سوريا منذ عام 1979, لكنها بعد تطبيق قانون قيصر أواسط حزيران 2020 دخلت “مرحلة التأثير المباشر من الناحية الاقتصادية, وخاصة مع عدم البدء بإعادة الإعمار وعدم وجود مستثمرين في سوريا”, مضيفاً أن القانون “منع تعامل الدول مع النظام السوري لغاية تطبيق قرار جنيف 2254 وذلك بمنع وصول توريدات المشتقات النفطية المتعاقد عليها بين الحكومة السورية والجهات الأخرى بسبب العقوبات والحصار الأمريكي”.
واعتبر عليكا أن العقوبات الأمريكية تهدف لدفع “الحكومة السورية للجلوس إلى طاولة الحوار ومن أجل إيجاد حل سياسي لسوريا المستقبل ووقف انتهاكات حقوق الانسان”.
الراعي الروسي لم يقدم خدمة اقتصادية
وأشار عليكا إلى أن مهمة “تحجيم” الأزمة “ليس من مهمة وزارة النفط التي تعمل ليل نهار مع الجهات المعنية الأخرى لتأمين توريد المادة, المهمة مناطة بجهات أخرى كثيرة وفي مواقع مسؤولية قد لا تقل عن وزير؟.” منوها إلى أن “كل المؤشرات تؤكد بأن الراعي الروسي لم يقدم أي خدمة اقتصادية أو منفعة اقتصادية للشعب السوري, وما يهمه هو المزيد من المزايا الاقتصادية له ولروسيا على حساب الشعب السوري ومستقبل بلاده”.
من الصعب صمد الليرة السورية عند حاجز الـ 3 آلاف
وأكد الباحث السوري, خلال حديثه صعوبة صمود الليرة السورية عند حاجز الـ 3 آلاف ل.س, مشيراً إلى أن سورية “بدأت تعاني أزمة في هيكلية الاقتصاد السوري وبنيته بسبب تشظي الاقتصاد السوري بين أطراف النزاع والدول الداخلين في الأزمة السورية تبعاً لمصالحهم ونواياهم الغير حسنة والتي تبحث عن مصالحهم المستقبلية في سوريا. وهم يودون كما يقال تقاسم الكعكة السورية”.
بدون حل سياسي من الصعب عودة عجلة الاقتصاد
وتابع عليكا أنه “بدون وجود حل سياسي من الصعب أن تعود عجلة الاقتصاد كما كانت وإن الليرة السورية مستمرة في فقدان قيمتها وسيتجاوز قيمة الدولار الواحد حاجز الـ 3000 ل.س لأن سوريا أصبحت دولة تراجعت فيها كل المؤشرات الاقتصادية ومؤشرات التنمية وحقوق الانسان, وأصبحت في تعداد الدول التي هي حالياً في الترتيب الأخير من ناحية مؤشرات الاقتصادية والنمو والأمن والأمان ودخل الفرد”.
دفع فاتورة الحرب
وعن الضغوط التي يواجهها رجل الأعمال السوري رامي مخلوف, والحجز على أمواله وممتلكات، هل تحمل أبعاد اقتصادية أم أنها تخفي صراع إقليمي ودولي ورائها, قال عليكا: “طبعاً رامي مخلوف يملك عشرات المليارات من الدولارات في الخارج, وما يهم النظام والروس معاً هو أن يمارسوا الضغط على رامي مخلوف ويحجزوا على أمواله وممتلكاته في الداخل السوري من أجل إعادة الأموال إلى سوريا, لأن النظام السوري يخضع لضغوط من إيران وروسيا من أجل دفع فاتورة الحرب للحلفاء الروس والإيرانيين”, مضيفا أنه “مع انتشار جائحة كورونا ومع تواصل العقوبات الأوربية والأمريكية على كلٍ من روسيا وإيران أصبحتا تعانيان من أزمة اقتصادية أيضاً”.
وأضاف عليكا أنه “لا بديل للنظام السوري إلا بالضغط على رامي مخلوف الذي كان يشغل ما يقارب 60 % من الاقتصاد السوري؛ حيث كان الرئيس السوري السابق (حافظ الأسد) وضع تجارة الاقتصاد السوري بيد محمد مخلوف, والد رامي مخلوف, وخلال فترة رئاسة بشار الاسد كان رامي مخلوف هو المستثمر الأكبر للعائلة وكان يحرك القنوات الاقتصادية وفقاً لمصالح النظام السوري والحكومة السورية”.
إخراج مخلوف من اللعبة الاقتصادية
وشدد الباحث السوري خورشيد عليكا, خلال حديثه أن الضغط على رامي مخلوف, له “أبعاد اقتصادية وأمنية تهم النظام السوري والروس والإيرانيين وعلى اساسها يجب إخراج رامي مخلوف من اللعبة الاقتصادية والحجز على أمواله وممتلكاته وإعادة توزيع الثرة بين أقطاب أخرين مقربين من زوجة الرئيس أسماء الأسد, التي حالياً تتابع الأمور الاقتصادية في البلد”.
حلفاء النظام مجبرين على مطالبته بتغيير سلوكه والعودة للقرارات الدولية
وعن الدور المتوقع لحلفاء الحكومة السورية وهل سيستمرون في دعمها خلال فترة حكم الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن, أكد عليكا على أنهم “مجبرين في النهاية أن يستسلموا للواقع الاقتصادي والسياسي السوري المتشرذم, وللعقوبات الأوربية والأمريكية, ومجبرين بأن يطلبوا من النظام السوري أن يغير سلوكه ويعود للقرارات الدولية حسب القرار الأممي 2254 من أجل دفع العملية السياسية إلى الأمام لأنه بدون الأوربيين والأمريكيين والدول الخليجية من الصعب أن تستمر الدولة ومؤسساتها, ولم تعد الدولة تستطيع أن تقدم الخدمات للمواطنين بسبب نفاق العملة الصعبة في سوريا وخاصة الدولار الأمريكي واليورو الأوربي وهنا تتوقف عملية الاستيراد التي هي بحاجة إلى هذه العملة الصعبة ونتيجة توقف عملية الإنتاج”.
حل سياسي للأزمة السورية خلال السنتين الأوليتين من فترة حكم بايدن
وتوقع عليكا أنه خلال السنتين الأوليتين من فترة حكم جو بايدن “سنشهد حل سياسي للأزمة السورية وفقاً للاستراتيجية الأمريكية والأوربية, وهنا حلفاء الحكومة السورية سيخضعون للضغوط الدولية من أجل دعم الحل السياسي، لأنه لهم مشاكل داخلية سياسية واقتصادية”.
قطر ستبتعد عن تركيا
وعن تأثير المصالحة الخليجية على العملية السياسية والوضع في سوريا، قال الباحث الاقتصادي السوري, خورشيد عليكا: إن “المصالحة الخليجية ستزيد من الوحدة الخليجية, وهذا يعني بأن قطر ستبتعد عن تركيا وستحاول إخراج القاعدة التركية من قطر التي تشكل خطراً على الخليج العربي ككل. ومن الصعب جداً أن نشهد تقارباً سعودياً تركياً لأن تركيا تمثل تيار أخوان المسلمين وتدعم داعش, وهذا يتعارض مع الاستراتيجية السعودية المصرية”.
تركيا ستصبح أكثر عزلة.. ومنصات المعارضة تطالب الائتلاف الخروج من تحت الوصاية التركية
وتابع عليكا حديثه قائلا: أن المستجدات الخليجية تعني أن تركيا “خلال الفترة القادمة ستصبح منعزلة أكثر خلال فترة أردوغان وبالنسبة للمعارضة السورية التي تعمل تحت الوصاية التركية والمقصود هنا الائتلاف السوري المعارض لم تعد القوى السياسية مرحبة به؛ أمريكياً وأوروبياً وعربياً لأنه ينفذ الأجندات التركية وأصبح يجند المرتزقة السوريين في ليبيا وأرمينيا والصومال وغير من مناطق الصراع في العالم حسب الأجندة التركية”, مشيراً إلى أن “باقي كتل المعارضة كمنصة القاهرة ومنصة موسكو طالبت قبل أيام الائتلاف بالخروج من الوصاية التركية”.
وفي ختام حديثه أعرب عليكا عن اعتقاده بأن “الدعم القطري للمعارضة السورية التابعة لتركيا في الشمال السوري سيتناقص, وستتوحد المعارضة من جديد تحت القيادة الخليجية المصرية لغاية إيجاد حل سياسي لسورية المستقبل”.