تمر هذه الأيام الذكرى الـ217 على اعتماد قانون نابليون في القانون المدني الفرنسي، وذلك في شهر آذار مارس من عام 1804، هو مجموعة القوانين التي تحكم القانون المدني الفرنسي تمييزا له عن القانون الجنائي، وهو ينسب إلى الإمبراطور الفرنسي نابليون بونابرت.
قد بدأ قانون نابليون في النفاذ في مستهل العام التالي لصدوره، أي في 1805م، ولم يكن له عند صدوره هذا الاسم، فقد حمل اسم القانون المدني للفرنسيين وفي عام 1807، أطلق عليه اسم “قانون نابليون”، تمجيداً وتعظيماً للرجل الذي كان له فضل العمل على إصداره.
وكان لصدور قانون نابليون هزة عنيفة في الأوساط القانونية في أوربا كلها، لأنه على عظمته وجليل شأنه، أول حدث من نوعه فيها، بل هو أول حدث من نوعه في العالم كله في التاريخ الحديث، بل إنه لم يسبقه في تاريخ الدنيا قاطبة إلا بعض محاولات قليلة متباعدة محدودة وضيقة النطاق، كقانون حمورابي الذي يعد أول تقنين عرفه البشر، والذي صدر في القرن التاسع عشر قبل الميلاد، وكالفتاوى الهندية التي تعد أول تقنين رسمي للفقه الإسلامي على المذهب الحنفي، أصدره في عام 1680م، الإمبراطور المغولي المسلم العظيم محمد أوزبك الملقب فاتح العالم.
يذكر المؤرخ الفرنسي جوستاف لوبون في كتابه “حضارة العرب” أن الجنرال الفرنسي نابليون بونابرت عند عودته إلى بلاده فرنسا راجعًا من مصر سنة 1801 أخذ معه كتابًا فقهيًا من مذهب الإمام مالك بن أنس اسمه “شرح الدردير على متن خليل”.
من جهته يذهب المؤرخ الفرنسي لويس سيديو في كتاب “ملخص تاريخ العرب” إلى أكثر من ذلك، حين يذكر أنّ هذا الكتاب الفقهي الذي أخذه بونابرت معه، بني عليه القانون الفرنسي الذي كان أحد أهم أسباب نهضة الدولة، خاصة في مادة الأحكام والعقود والالتزامات، ليكون للفقه الإسلامي، وخاصة المالكي، أثر كبير في التشريع الفرنسي، خاصة مدونة الفقه المدني المعروفة بمدونة نابليون.