قررت أنغيلا ماكسويل منذ عام 2013 أن تجوب العالم طولا وعرضا بمفردها سيرا على الأقدام، لتوطيد الصلة بينها وبين العالم من حولها. وبعد رحلة امتدت لست سنوات قطعت خلالها 20 ألف ميل، عادت إلى وطنها بهذه العلاقة القوية بالعالم.وفقاً لـ(BBC Travel).
ولم تكن ماكسويل تخطط لقطع هذه المسافة الشاسعة حول العالم سيرا على الأقدام. لكنها في إحدى الأيام استرقت السمع لحديث في مركزها لتعليم الفنون حول رجل جاب العالم سيرا على الأقدام، ولم تكد تمر تسعة أشهر حتى عزمت على الرحيل.
وتقول: “كنت أظن أنني سعيدة، لكن عندما استرجع الآن حياتي قبل السفر، أرى أنني كنت أبحث عن المزيد، ربما كنت أبحث عن توطيد علاقتي بالطبيعة والناس، من خلال العيش على الكفاف والتواصل مع العالم من حولي”.
وتقول ماكسويل: “قرأت الكتب على أمل العثور على التشجيع الذي كنت أحتاجه. وقد تحقق مرادي، فقد شجعتني القراءة عن التحديات والصعاب التي واجهتها فقد منحتني القصص الثقة لخوض تجربة المشي”.
وبمجرد ما عقدت العزم على السفر، باعت ماكسويل جميع ممتلكاتها وحزمت أمتعتها. فقد ملأت عربة صغيرة بمعدات التخييم التي تزن 50 كيلوغراما، وطعام مُجفف ومرشح للمياه يستخدمه عادة عناصر الجيش، وملابس تناسب الفصول الأربعة.
وفي الثاني من مايو/أيار 2014، تركت ماكسويل بلدتها بيند في ولاية أوريغون، وخاضت مغامرة عظيمة لحسن حظها أنها لم تكن تعرف ما الذي ينتظرها في طريقها.
وتقول ماكسويل، بالرغم من أنها كانت تبدأ يومها كالمعتاد بالاستيقاظ عند شروق الشمس وتناول الإفطار المكون من كوبين من القهوة الفورية وطبق من الشوفان، ثم تشد رحالها وتمشي، وتنصب خيمتها عند حلول الليل، وتأكل الشعيرية الفورية وتنهي يومها بالنوم في حقيبة النوم، إلا أن كل يوم في رحلتها كان يختلف عن اليوم الذي يسبقه.
ولم تمر رحلتها دون معاناة، فقد أصيبت بحروق شمس وضربة شمس في صحراء أستراليا، وحمى الضنك في فيتنام. وتعرضت للاعتداء والاغتصاب على يد أحد البدو الرحل الذي اقتحم خيمتها في منغوليا، وسمعت طلقا ناريا أثناء التخييم في تركيا، وتعلمت مع الوقت أن تنام دون أن تغلق إحدى عينيها وأذنيها، وكانت تستيقظ فزعة من فكرة النوم العميق. وقد توقعت ماكسويل أن تتعرض لصعوبات من جميع الأنواع، رغم أنها لم تكن تعرف طبيعة هذه الصعاب.
وساعدها المشي بخطوات بطيئة على الانجذاب بشدة، لكن لفترات وجيزة، إلى الثقافات الأخرى، وتجولت في القرى الصغيرة المطلة على البحر التيراني في إيطاليا، والاستمتاع بالأجواء المفعمة بالطاقة والحيوية وقبول الدعوات للتحدث والجلوس واحتساء الخمر.
وفي فيتنام، عندما أنهكها التعب بعد صعود ممر هاي فان الجبلي، استقبلتها امرأة مسنة ودعتها للمبيت في كوخها الخشبي الصغير على قمة الجبل. وأقامت علاقة صداقة على الحدود بين منغوليا وروسيا والتأم شملها بأصدقائها مرة أخرى بعد سنوات في سويسرا. وأصبحت ماكسويل الأم الروحية لابنة سيدة التقتها في إيطاليا.
وتعلمت ماكسويل في رحلتها على وصفات طعام توارثتها أجيال في قرية إيطالية، وتربية النحل في جمهورية جورجيا، والتعامل مع الجمال في منغوليا على طريق الحرير. وتعلمت أهمية التعاون والمؤازرة، فكانت تقطع الخشب في نيوزيلندا وتقدم الطعام للمشردين في إيطاليا. وساعدت مزارع إيطالي في جزيرة سردينيا في تجديد منزله.
وجمعت ماكسويل خلال مسيرتها تبرعات لمنظمات أهلية، مثل “وورلد بالس”، وائتلاف “هير فيوتشر”، الذي يدعم الفتيات والشابات. وبلغ إجمالي التبرعات التي جمعتها نحو 30 ألف دولار.
وتقول ماكسويل إن الفضول وسعة الأفق يدفعانك للتعرف على العالم وسكانه عن كثب. وقد اختارت ماكسويل أن تتبنى نمط حياة مفعم بالفضول وعدم التيقن ومحفوف بالمخاطر على مدى ست سنوات ونصف، سعيا وراء هدف بعيد المنال، يتمثل في تحقيق السعادة الشخصية وتوطيد صلتها بالعالم من حولها.
وفي 16 ديسمبر/كانون الأول 2020، أنهت ماكسويل رحلتها من حيث بدأتها، في منزل صديقتها الحميمة إليس في مسقط رأسها بيند. وكما استجابت ماكسويل لرغبتها في خوض رحلتها، أدركت أن الوقت قد حان لإنهائها، وأن هذه المغامرة أصبحت نمطا للعيش، يمكنها العودة إليه في أي وقت شاءت.
وتعكف الآن ماكسويل على تأليف كتاب للتخطيط لرحلات في المستقبل والبحث عن طرق تتيح للنساء العثور على شجاعتهن والتعبير عنها وتجسيدها في حياتهن اليومية.