أرجع الخبير الاقتصادي السوري يونس كريم، أسباب انخفاض قيمة الليرة السورية وارتفاع سعر صرف الدولار أمام الليرة السورية إلى عدة أسباب منها انخفاض احتياطي البنك المركزي وخوف المستثمرين كون أغلب العقود الخاصة بالمؤسسات السيادية للدولة السورية تستحوذ من قبل روسيا وإيران والصراع بينهم ما خلق شعور لدى المستثمرين بأنهم في مكان غير آمن ومعرضين للاستهداف من قبل أحد الطرفين.
وأشار يونس كريم في حديث مع تموز نت أن أسباب ارتفاع الليرة هي عبارة عن أسباب بنيوية وأسباب خارجية.
وبحسب كريم أن “أحد الأسباب البنيوية ترجع إلى أن الإدارة النقدية لليرة السورية كانت سيئة جداً فالبنك المركزي تحت إشراف وإدارة حازم قرفول لم يتدخل في سوق سعر الصرف الذي كان مفعل وتعود عليه السوق مسبقاً أيام دريد درغام وإديب ميالة..”.
وأضاف “كان أحد أهم الأدوار التي لعبها البنك المركزي خلال سنوات الثورة بأنه كان أحد أهم المضاربين في سوق سعر الصرف فهذا الأمر أنعكس سلباً على الناس من حيث التطمينات، واعتبروا أن غياب البنك المركزي خلف فراغ كبير لم تستطع أدوات البنك المركزي من تجار سعر الصرف ورجال الأعمال أن يملئوا فراغ البنك المركزي”.
وقال كريم هناك “إدارة سيئة في الإدارة النقدية سواء من قبل حازم قرفول حاكم البنك المركزي أو لوزير المالية السوري مأمون حمدان بسبب التصريحات الصادرة من كلا الطرفين واستخدام قراراتهم كأداة في وجه التجار وضد بعضهم ما جعل التجار والمستثمرين يخافون من الاستثمار في سوريا فقلصت الأعمال بمن فيهم أمراء الحرب الذين يملكون أموال فخافوا من التصريح عنها”.
وتشهد الأسواق السورية انخفاض في قيمة الليرة السورية مع ارتفاع في سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية بعد أن وصل لـ 660 ليرة للدولار الواحد في بعض المناطق.
وقبل اندلاع الحرب الأهلية السورية في 2011 كان سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية أقل من 50 ليرة سورية.
ورأى الخبير الاقتصادي يونس كرسم أن “من الأسباب البنيوية أيضاً هو انخفاض احتياطي البنك المركزي وانكشافه للخارج وباتت حجم الأموال معروفة في البنك المركزي وعدم قدرته على تمويل المستوردات الأمر الذي جعل التجار يتحكمون بأسعار الصرف التي ترتفع مما يجعل طبقة من تجار التجزئة ترفع الأسعار بغاية الحصول على الدولار لشراء البضائع وهذا الأمر أدى إلى زيادة الطلب على الدولار”.
ويرجع سبب ارتفاع صرف الدولار إلى العقوبات الأمريكية والأوربية على سوريا، بالإضافة إلى العقوبات المفروضة على الدول الحليفة للحكومة السورية وفي مقدمتها إيران.
وعن الأسباب الخارجية لإرتفاع سعر الليرة السورية قال كريم “بإمكاننا القول أن استعجال روسيا للحل السياسي بسوريا وبإعادة السيطرة على كل من مناطق المعارضة سواء في الغوطة أو الجنوب في درعا وفي الشمال بإدلب، كل هذه الأمور أدت إلى قطع مورد مالي ضخم جداً عن النظام كان يأتي عن طريق الدول المانحة والمنظمات الغير أهلية والمساعدات والحوالات الغربية ولا ننسى الكثير من القرارات البنيوية التي منعت الحوالات ودققت على الحوالات وجعلت هناك فرق بين سعر الصرف في السوق السوداء وصرفها من مراكز استلامها”.
وأكمل كريم “روسيا كانت ممكن أن تمنح وقتاً للنظام وعدم الاستعجال لإعطاء فرصة للنظام للضغط على منظمات الأمم المتحدة بنقل مراكزها من الأردن ولبنان إلى سوريا كما كان يتأمل النظام من منظمة “اوتشا” كون هذا النقل يستطيع أن يؤمن للنظام مورد مالي كبير من خلال الجيش الذي تديره منظمة “أوتشا” وبالتالي هو كسر الحصار من خلال كتلة الرواتب التي تأتي إلى سوريا وتصب بشكل أو بأخر في البنك المركزي”.
وتطرق كريم إلى أحد الأسباب الهامة من وجهة نظره وهو “الصراع الروسي الإيراني للسيطرة والاستحواذ على العقود للمؤسسات السيادية للدولة المولدة للدولار” وتابع “كان هذا الأمر له وقع سيء من حيث، أولاً جعل المستثمرون يشعرون بأن الدولة السورية والنظام لم يعد صاحب قرار وبالتالي رفض المستثمرين استكمال عقودهم ووجدا أنه لا فائدة من بلد معظم العقود الهامة تستحوذ من قبل الطرفين بالإضافة إلى شعورهم بأنهم في مكان غير آمن ومعرضون للاستهداف من قبل أحد الطرفين، وأزداد الأمر سوءً مع وجود طرف ثالث جديد من الحرس القديم للنظام الذي يشعر بأن روسيا وإيران تمادتا في السيطرة على مؤسسات الدولة وانتقلوا من مرحلة حلفاء إلى مرحلة محاولة تحطيم النظام والاستيلاء عليه”.
وأوضح كريم أن “هذا جعل جميع المستثمرين بمن فيهم بالداخل من رجال الأعمال والحرب بإخراج أموالهم إلى الخارج وتهريبها فأصبحت هناك هجرة كبيرة للأموال وعملة الدولار لذلك نجد أن التضخم ارتفع في نهاية 2018 وبداية 2019 عندما ظهرت القضايا على السطح وطافت وهذا سبب أحد الإشاعات التي تتحدث عن رامي مخلوف وعن جمعية البستان وما يحدث والسيطرة على السكك الحديدية والكثير من العقود التي تحاول بطريقة أو بأخرى تشويه الطرف الآخر”.
وأضاف أن “المرحلة التي تلتها هي العقوبات الأمريكية الأوربية والتي كان تركيزها على قطاع الصرف والحوالات إضافة إلى القطاع النفطي ففي مجال الحوالات منع النظام من الحصول على الأموال بالقطع الأجنبي التي كانت تغذي البنك المركزي والقطاع النفطي بالإضافة إلى العقوبات التي فرضت على الحلفاء جعلتهم ضعفاء بتمويل النظام السوري”.
وأشار كريم أن “النظام السوري كان يأمل من إعادة فتح معبر نصيب وعودة الشركات العربية للاستثمار في سوريا عن طريق طرف ثالث للتهرب من العقوبات الأمريكية الأوربية الذكية التي كانت تختص ببعض رجال الأعمال وبأشياء يمكن تلافيها بوجود طرف ثالث لكن الذي حدث في 2019 بأن العقوبات كانت عقوبات متشددة، الأمريكيين أصروا على رفع درجة العقوبات أكثر والتشدد بها مما أربك رجال الأعمال العرب الخليجيين حتى الأوربيين من الاعتماد على الأردن ولبنان كمنصات طرف ثالث للدخول مع النظام والمشاركة في إعادة الإعمار كون أن مشروع إعادة الإعمار بعيد عن مشروع السياسية وهو مشروع رابح وعادة لا تضيع الشركات هكذا فرص وخاصة أن سوريا تملك جغرافية حيوية جداً”.
وبين كريم أن “التشدد الأمريكي أعاق هذا الأمر وجعل الأزمات تتفاقم وتتضخم وزاد الطلب على سعر الصرف وخلق حالة عدم استقرار” مشيراً أن “أسعار الصرف لا يمكن في الوقت الحالي أنت تنخفض نتيجة عدة أسباب تبدأ بعدم توفر الاحتياطي”.
وكان مجلس النواب الأمريكي أقر بالإجماع “قانون حماية المدنيين” أو ما يعرف بقانون “سيزر” والذي ينص على فرض عقوبات على الحكومة السورية والدول التي تدعمها مثل إيران وروسيا لمدة 10 سنوات أخرى، وهو ما زاد من حجم الأزمة الاقتصادية.
تموز نت