في المحاضرة التي ألقاها في مكتبة الأسد ضمن الفعاليات الثقافية لمعرض الكتاب بدورته الحادية والثلاثين تحدث الدكتور فاضل الربيعي قائلاً: إن التوراة في نصها العبري المعتمد رسمياً لا تقول بأي صورة من الصور إن القدس هي أورشليم، ولا يوجد أي نص أو جملة أو إشارة في التوراة تقول إن مدينة القدس هي نفسها مدينة أورشليم، وعلى العكس من ذلك، التوراة وهي تصف مكاناً بعينه تسميه «قدس» من دون ألف ولام، تصفه بأنه جبل.
وأضاف: في الحقيقة، هناك خلط في السرديات متعمد وناجم عن سوء فهم وتقدير، فمثلاً في سور القرآن الكريم يجري الخلط بين بني إسرائيل واليهود، ثم سرعان ما دخل هذا الخلط في السرديات التاريخية عن المنطقة وتاريخ شعوبها.
وفي السياق أضاف الربيعي :ما من فلسطيني اليوم إلا ويفتخر أنه كنعاني ويعتبرها هويته، ولكن دون أن يعرف أن هذا المصطلح الزائف الذي نحت بخبث ودهاء هو مصطلح تحقيري القصد منه تحقير الفلسطينيين وليس تكريمهم.
وحول الفراعنة تحدث د. الربيعي: ما من مصري اليوم إلا ويتفاخر بأنه فرعوني والكل يتحدث عن هذه الحضارة، في الحقيقة كلمة «فرعون» كلقب أو تعبير غير موجودة في السجلات، كما أن اسم مصر لم يظهر في السجلات المصرية القديمة إلا بعد 750 قبل الميلاد وقبل ذلك كانت تسمى «إيجبت».
وذكر الربيعي أن مصطلح فرعون ظهر مع انتشار قصص القرآن والتوراة، لكن المشكلة أن فرعون ادعى الربوبية في النص القرآني «أنا ربكم الأعلى»، وبتسلسل ملوك مصر لا يوجد ملك مصري ادعى أنه فرعون أو الربوبية بل على العكس مالوا إلى التوحيد، أما بالنسبة للتوراة فهي لا تتحدث عن مصر بل تذكر اسم «مصريم»، وفي القرآن يرسم الاسم «مصراً»، وقد أثار هذا نقاشاً بين اللغويين العرب القدماء، ووقعوا في إشكالية عندما حاولوا تصريف اسم مصر لكونه ممنوعاً من الصرف، لكن الكشوفات الأثرية عثرت على «مصراً» في اليمن وليس مصر البلد العربي.
والمقصود بكلمة «مصراً» في القرآن هي المملكة اليمنية ,وفي النهاية المقصود من إطلاق تعبير فرعوني على شعب مصر هو لتصنيع هوية لهم.
الدكتور فاضل الربيعي مفكر عراقي مقيم في هولندا له ما يزيد على ثلاثين مؤلفاً، وهو شخصية استثنائية يجمع بين الباحث في أصول التاريخ وتشابك مصادره الزمنية والسياسية، وبين كاتب الرواية والمقال.
تموز نت